اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ،ولك الحمد أنت قيم السماوات والارض ومن فيهن ولك الحمد أنت ملك السماوات والارض ومن فيهن ولك الحمد انت الحق وقولك حق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق والساعه حق اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أسرفنا وما أنت أعلم به منا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ,أمات وأحيا سبحانه وتعالى يعز من يشاء ويذل من يشاء أضحك وأبكى أغنى وأقنى يهين ويكرم يشفى ويمرض فلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير ,بيده الملك يدبر الأمر من السماء إلى الأرض وأشهد أن محمداً عبدُ الله ورسوله أرسله الله بالهدى ودين الحق بين يدى الساعةِ بشيراً ونذيراً فصلوات ربى على هذا النبى الكريم الأمين محمد بن عبد الله عليه أفضل صلاة وأتم تسليم سائلين الله أن يؤتيه الوسيلة والفضيلة وأن يبعثه مقاماً محموداً الذى وعده ,اللهم آمين ,فجزاه الله خير ما جازى به نبياً عن أمته صلاة الله وسلامه عليه وعلى آل بيته وعلى صحبه الكرام ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين , وبعد..
أيها الاخوة بارك الله فيكم خلقكم الله سبحانه وتعالى ومن فضله عليكم ان هداكم للاسلام فاحمدوا الله على هذا الفضل الذى به تأمنون فى دنياكم وتسعدون فى آخرتكم فاحمدوا الله على هذا الفضل واشكروا الله إذ أرسل إليكم أفضل رسول وأنزل عليه أفضل كتاب أنزل عليه كتابا مباركا كما قال (وهذا كتاب مبارك أنزلناه ) وقال (وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) فاحمدوا الله أن أنزل عليكم هذا الكتاب على نبيكم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ,أنزل كتاباً كريماً كتاباً مجيداً كتاباً حميداً كتاباً مباركاً كتاباً عزيزاً اجتمعت فى هذا الكتاب العزيز كل خصال الخير فى بوصف الله له ليس بوصفنا نحن بل بوصف الله له ونحن لله طائعون ولقوله مقرون لقد قال تعالى (وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ ) وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ) وقال (يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) وقال (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ )
فهذا كتاب الله أنزله الله عز وجل يهدى به للتى هى أقوم ,يهدى به للتى هى أقوم فى كل طريق و إتجاه وفى كل صوب وفى كل حدب ,يهدى للتى هى أقوم فى المعاملات الدنيوية ,يهدى للتى هى أقوم فى الإرشاد الذى ينفع فى الآخرة يهدى للتى هى أقوم فى السياسات التى يساس بها الناس يهدى للتى هى أقوم فى الاقتصاد فى الأمور كلها ,يهدى للتى هى أقوم فى التعامل مع الأقربين والأبعدين ,كذا يهدى للتى هى أقوم فى تهذيب النفوس فى تهذيب الاخلاق فيهدى للتى هى أقوم فى كل طريق وفى كل سبيل وكيف لا يكون كذلك والذى انزله هو رب العالمين ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)
أتناول آية من كتاب الله آية واحدة من كتاب ربكم تعلموا منها شيئاً من هداية القرآن للتى هى أقوم وهى فيض من غيض وقطرة من بحر قال تعالى فى كتابه الكريم فى آية أطلق عليها فريق من أهل العلم آية الوصايا العشر ليست وصايا بشر لبشر بل وصايا رب العالمين لكم ولا يجوز لكم ولا يسوغ لكم أن تحيدوا عن وصايا ربكم لكم فلزاماً أن تسمعوا لله وتطيعوا هذا شأن أهل الايمان قال تعالى ذكره ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ) آية لن نتخطاها ولا نتعداها، آية سطرت بالأمر بعبادة الله وحده لا شريك له، فالذى يخشى هو الله والذى يرهب هو الله والذى يسأل هو الله هو الذى يكشف الضر هو الذى يجيب المضطر هو الذى يدبر الأمر هو الذى ننزل به نوازلنا ونسأله حوائجنا سبحانه وتعالى سطرت الآية بأعظم حق له سبحانه علينا واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا فلا تدعوا مع الله إلهاً آخر لا تسألوا آخر غير الله إذا سألت فاسأل الله إذا استعنت فاستعن بالله واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا لا ظاهر الشرك ولا الخافى منه فكل صور الشرك تتقى ويبتغى وجه الرب الأعلى بالأعمال كلها فما أمرنا إلا لنعبد الله مخلصين له الدين كما قال تعالى (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) فإذا تصدقت فلتتصدق لله وابتغاء مرضاة الله لا ابتغاء وجوه الناس ( الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى ) وكذا ( وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَاْ فِي أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ ٱللَّهِ وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ )
وهكذا تتوالى الآيات حاثة على البذل والعطاء لوجه الله لا لوجه احد سواه قال تعالى (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً ) واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً اعبدوا الله لا تعبدوا معه ربا آخر ولا تعتقدوا فيما لا يليق به فلا تعتقدوا إعتقادات الزائغين الزاعمين أن الله له ولد تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً لا تعتقدوا اعتقادات الزائغين الذين يقولون ان الله ثالث ثلاثة او الذين يقولون ان المسيح هو الله لا تعتقدوا اعتقادات الزائغين الزاعمين ان لله شريكا فى الملك فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا لا ظاهر الشرك ولا الخافى منه لا الشرك الأكبر ولا الشرك الأصغر ثم وبعد هذا البيان يتأتى الأمر بإتاء حق وأعظم الحقوق بعد حق الله ورسوله ألا وهو حق الوالدين فلينظر أحدكم فى شأن نفسه وليعرف نفسه على كتاب الله هل هو سوى مستقيم مع هذا الكتاب العزيز أم انه حائد منحرف قال تعالى (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) فهكذا دوماً نذكر بحق الوالدين بعد الأمر بعبادة الله سبحانه وتعالى قال (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ) (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) قال فى وصية لقمان لولده ( يا بنيّ لا تُشرك باللّه إن الشرك لظلم عظيم۞ ووصّينا الإنسانَ بوالديهِ)
وهكذا فى سنة النبى الأمين محمد عليه أفضل صلاة وأتم تسليم فيها أنه سئل (أى العمل أفضل يا رسول الله قال الصلاة لوقتها قيل ثم أى قال ثم بر الوالدين قال ثم أى قال ثم الجهاد فى سبيل الله) فقدم بر الوالدين على الجهاد فى سبيل الله ومحل ذلك اذا كان الجهاد فرضا على الكفاية لا فرضا على الأعيان وكذلك فى المقابل ولأن الشرك أعظم ذنب على الإطلاق فيأتى بعده العقوق (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور )الحديث , أن رجلاً أتى إلى رسولكم الأمين محمد عليه الصلاة والسلام يسأله يا رسول الله ( أريد الجهاد معك ابتغى الأجر من الله قال أحى والداك قال نعم قال كيف تركتهما قال تركتهما يبكيان قال ارجع فأضحكهما كما ابكيتهما )وفى رواية( ففيهما فجاهد )
لقد قال نبيكم الأمين (رأيتنى فى الجنة فسمعت صوت قارىء يقرأ القرآن قلت من هذا قالوا هذا حارثة بن النعمان وكان أبر الناس بأمه فهكذا البر فهكذا البر )أى فهكذا البر يصنع بآله البررة إن النبى عليه الصلاة والسلام بين فى سنته المباركة الميمونة أن بر الوالدين من أعظم أسباب إجابة الدعاء من أعظم أسباب إجابة الدعاء برك بوالديك ولا أدل على ذلك من أن التابعى أويس القرنى الذى قال النبى فيه إنه خير التابعين كان بارا بأمه ولبره بأمه وكان به برص دعا الله فشفاه من هذا الداء الذى عجز الأطباء ولا يزالون عن إيجاد دواء له ولكن شفى بسبب دعوته ولكونه كان بارا بأمه إن النبى عليه الصلاة والسلام ذكر الثلاثة الذين انطبقت على فم غارهم صخرة فقاموا يتوسلون فتوسل متوسل ببره لأمه وبأبيه شيخين كبيرين ففرج الله تعالى عنهما شيئا مما هم فيه بسبب توسل ببر الوالدين الشيخين الكبيرين فجدير بكم أن تلتمسوا هذا الباب باب بر الوالدين والإحسان إليهما ففارق بيننا كمسلمين وبين غيرنا من أهل الكفر والشقاء الذين إذا تقدم بأبيهم السن ألقوه فى المستشفيات والمزابل حتى يموت أو أعطوه إبرة يكون فيها حتفه ويكون فيها هلاكه ويكون فيها تلفه
لسنا كذلك إن عيسى عليه السلام أنطقه الله فى المهد فقال( وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًاً شَقِيًّاُ) إن يحيى عليه السلام ذكر الله بأمره فقال (وَبَرًّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَم يَكُن جَبَّارًاً عَصِيًّاً) وهكذا تتوالى الأمور بالإحسان إلى الوالدين وببرهما وإكرامهما وخاصة عند الكبر ( إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً )
أيها الأخوة إن رسولكم يقول لسعد بن ابى وقاص رضى الله عنه لما رأى سعد أن لنفسه فضلاً على غيره قال يا سعد يا سعد وهل تنصرون وترزقون ألا بضعفائكم وكان النبى يقول ابغونى ضعفاءكم أى ائتونى بضعفائكم كى يتوسل بهم بضعفهم إلى الله سبحانه وتعالى أبغونى ضعفاءكم كى يكرمهم فيستجاب منه الدعاء قال تعالى (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى) الذين هم الأرحام لهم عليك حق يا عبد الله فلا تجرى بعيداً بعيداً وتصول وتجول ها هنا وها هنا وانت للرحم قاطع مرتكب لجريمة بشعة ألا وهى كبيرة قطع الأرحام إن تابعياً جليلاً وهو على بن الحسين الملقب بزين العابدين من آل بيت النبوة الطاهر يوصى ولده بوصايا ونعمت الوصايا يا بنى يا بنى لا تصاحب قاطع رحم يقول له ولده لماذا يا أبى يقول أبوه يا بنى إنى وجدته ملعونا فى كتاب الله فى ثلاث مواطن فكيف تصاحب ملعونا ما الآيات يا أبى قوله تعالى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ) وكذا قوله تعالى (والَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِأُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) وفى الثالثة ( أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)
ان نبيكم عليه الصلاة والسلام قال مذكراً (لما خلق الله الخلق قامت الرحم فتعلقت بقوائم العرش قائلة يارب هذا مقام العائذ بك من القطيعة )كأنها تقول يارب هناك من يريد ذبحى هناك من يريد قطعى استعيذ بك وقفت فى هذا المقام استنجد بك من أقوام يريدون قطعى( هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال الله لها ألا ترضين أن أصل من وصلك وأن أقطع من قطعكى قالت بلى يا رب رضيت يارب) أعطاها الرحمن وعدا بأنه يصل من وصلها ويقطع من قطعها لذلك ,فالرحم تناشد من وصلنى وصله الله ومن قطعنى قطعه الله
فاحذر على نفسك من هذه الكبيرة التى وقع فيها الاكثرون وهم لا يشعرون ,كبيرة قطع الارحام
إن النبى قال لا يدخل الجنة قاطع إن النبى قال ليس الواصل بالمكافىء ولكن الواصل إذا قطعت رحمه وصلها وحتى ان كانت الرحم كافرة فلها حق الوصل قال عليه الصلاة والسلام (ألا إن آل بنى فلان ليسوا بأوليائى ولكن أوليائى المتقون ولكن لهم رحم سأبلها ببلالها أى سأصلها بما لها على من حق الوصل)
إن رجلا أتى إلى النبى عليه الصلاة والسلام يقول( يا رسول الله إن لى رحماً أصل ويقطعون أعطى ويمنعون أعفو عنهم ويسيئون إلىّ أحلم عليهم ويجهلون علىّ قال عليه الصلاة والسلام موصياً باستمرار الوصل قال لن يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك) .. فصلوا الأرحام
إن عبد الله بن سلام ذهب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فى بداية بعثته ينظر إلى هذا النبى الكريم قبل أن يسلم بن سلام أعنى فى بداية هجرة النبى لما هاجر إلى المدينة جاء عبد الله بن سلام فقال رأيت وجهاً لا يكذب رأيت وجهاً كريماً لا يكذب رأيته لا يكذب سمعته يقول : أيها الناس صلوا الأرحام صلوا الأرحام وطيبوا الكلام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام
فياله من دين حسن أمرنا فيه بوصل الرحم إن النبى صلى الله عليه وسلم ذكر حديثا مروعا مخوفا ثابت فى حديث مسلم بمعناه حاصله أن الناس يمرون على الصراط يوم القيامة والصراط جسر على جهنم يمرون على الصراط وعلى جنبتى الصراط تقف الرحم وعلى الجانب الأخر تقف الأمانة فالرحم على جانب والأمانة على جانب تقف الرحم وتف الامانة لماذا تقف الرحم ولماذا تقف الأمانة يقول الشراع أن الرحم تقف لأمرين وكذلك الأمانة تقف الرحم فإذا جاء قاطع لها يمر تستوقفه يارب هذا قطعنى فخذ لى حقى منه تنظر تحت قدميك فترى جهنم تلظى والعياذ بالله إذا كنت تمر فى الدنيا على كمين شرطة تريد ان تسرع ولا تريد أن تتعطل فكيف وعلى جنبتى الصراط كلاليب تخطف الناس بأعمالهم الرحم تستوقف قطاعها يارب هؤلاء قطعونى خذ لى حقى منهم أما إذا كنت واصلاً وتعثرت فى المرور جاءت الرحم تنتشلك تنقذك بإذن الله يارب سلمه يارب نجيه حتى تمر على الصراط بسلام وكذلك الأمانة يارب هذا خان الأمانة هذا لم يؤدِ الأمانة هذا لم يقم بالعمل الذى كلف به هذا غش الرعية هذا خان بقلمه هذا خان الأمانة التى استؤمن عليها من مال أو عرض يارب انتصر لى منه أما اذا كنت مؤديا لها قامت الأمانة تنتشلك فياله من دين حسن خير الأديان إذ يوصى الله فيه بالأرحام ثم الوصل سبب لسعة الرزق من سره أن يُنسأ له فى أثره
أن يبارك له فى رزقه فليصل رحمه كذلك قال عليه السلام
وفى المقابل فالعقوبة شديدة لمن قطع قال رسولكم الأمين عليه الصلاة والسلام ما من ذنب أجدر أن تعجل .العقوبة لصاحبه فى الدنيا مع ما يدخر له يوم القيامة من البغى وقطيعة الرحم فجدير بكم أن تصلوا الارحام قال تعالى ( وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى ) الضعفاء اليتامى الذين مات أبوهم وهم دون البلوغ أوصى الله بهم فى عدة آيات (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَر وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ ْ) وقال (كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17). وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ) لقد قال نبيكم( أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنة وفرج بين إصبعيه )لقد قال نبيكم الساعى على الأرملة والمسكين كالمجاهد فى سبيل الله أو كالصائم الذى لا يفطر وكالقائم الذى لا يفتر أى كقائم الليل الذى لا يتعب من طول القيام
إذا كان فى مسجدكم لجنة تسعى لكفالة الأيتام فبادروا إلى مساندتها نفعاً لكم إلا فالله غنى عنكم بل نفعًا لكم فى دنياكم تدفع عنكم المصائب بسبب ذلك فأعمال البر وصنائع المعروف تقى بإذن الله مصارع السوء قال تعالى (وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ) فياله من دين حسن فيه كل تكافل كما يسميه الناس التكافل الأجتماعى أصوله فى ديننا شرعت من أجله الزكاوات شرعت من أجله الصدقات شرعت من أجله المواساة
قال تعالى (وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ) ثم يقول تعالى موصياً (وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى) الجار الذى تربطك به قرابة أحسن إليه يا عبد الله وكذا (وَالْجَارِ الْجُنُبِ) الذى لا تربطك به قرابة فإذا نحن من هذا الهدى القويم فلا يسوغ لك أن تبيت شبعانا وجارك إلى جوارك جائع يتلوع لا يجوز لك ذلك ولا يسوغ لك ذلك إن ربنا أوصى بالجار إذ قال (وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ) إن جبريل أوصى بالجار قال عليه الصلاة والسلام ( مازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ) إن نبينا الأمين أوصى بالجار إذ قال ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ) إذ قال (إذا طبخت لحما فأكثر مرقها وتعاهد جيرانك ) إن الصحب الكرام أوصوا بالجار فهذا عبد الله بن عمرو بن العاص يذبح الذبيحة ويقول لآل بيته أهديتم لجارنا اليهودى أهديتم لجارنا اليهودى أهديتم لجارنا اليهودى أى لماذا تأخرتم فى اهداء الجار اليهودى فالنصوص الآمرة بالإحسان إلى الجار نصوص عامة شاملة للجار المسلم والجار النصرانى والجار اليهودى قال تعالى ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين ) إن أى شىء من شأنه أن يسىء إلى الجوار تمنع منه يا عبد الله أن النبى قال ( لا يمنعن جار جاره أن يغرس خشبة فى جداره ) وعظم حق الجار فقال فى بيان (أعظم الكبائر هو أن تزانى بحليلة جارك ) وكان هذا سبيلاً مسلوكاً من قبل كما يروى عن عنترة حتى فى جاهليته
وأغض طرفى مابدت لى جارتى
حتى يوارى جارتى مأواها
, لم يكن أحدهم يخون صاحبه فى الجار ليخون جاره فى آله بل يقولوا
وأغض طرفى مابدت لى جارتى
حتى يوارى جارتى مأواها
وهكذا كان يقول وهكذا أوصى ربى بالجار فأين نحن من هذه المدنية الجارفة التى فيها صاحب الشقة يغنى ويطرب وبجواره جار يبكى حزيناً مكتئباً لميت مات له أين هذا الذى نعيشه من ديننا القويم ؟ قال تعالى (وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ) قيل هى الزوجة أوصى الله بها فهى صاحبتك بالجنب وقد قال تعالى (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) فلست مخيراً بين الإساءة والاحسان إلى زوجتى بل مأمور بالإحسان لزامًا
وعاشروهن بالمعروف ( فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) وفى الحديث ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى ) وقول آخر فى الصاحب بالجنب أنه الرفيق فى السفر فلوأنت فى سفرك فى سيارتك فى القطار والله موسع عليك ما المانع إذا شربت مشروباً أن تسقى من بجوارك امتثالاً لوصية الله والصاحب بالجنب وكذا ابن السبيل الذى انقطعت به النفقة فلم يعد معه ما يوصله إلى أهله وابن السبيل أكرموه لا تهينوه ثم قال تعالى موصياً بالعبيد والإماء ومن كان فى منزلتهم أيضاً كالخدم وغيرهم وما ملكت أيمانكم استوصوا بهم ويلحق بهم لا من حيث التأصيل بل من حيث الحاجة والعوز الخدم الذين يخدموننا قال أبو ذر رضى الله عنه وكان لبس حلة فاخرة وعلى خادمه على عبده حلة مثلها فقال له قائل ما حاصله لماذا سويت بينك وبين خادمك قال كان بينى وبين رجل فى الجاهلية كلام أى مشادة كلامية فأخطأت فى حقه وقلت له يابن السوداء فقال عليه الصلاة والسلام لما شكانى الرجل إليه يا أبا ذر يا أبا ذر إنك أمرؤ فيك جاهلية عيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية قال يا رسول الله أعلى حالتى هذه من الكبر أى وأنا كبير السن هكذا ولازالت فىّ هذه الخصلة الجاهلية قال نعم قال يا أبا ذر إخوانكم خوالكم أى خدمكم فإذا كلفتموهم فلا تكلفوهم ما يغلبهم إن كلفتموهم فأعينوهم إذا كان أحدكم له خادم من كان أخوه تحت يده فليلبسه مما يلبس وليطعمه مما يطعم ولا يكلفه ما يغلبه فإذا كلفه فليعنه هكذا يوصينا نبينا محمد عليه الصلاة والسلام بالضعفاء بالخدم فما المانع أن تكرم أولى الضعفة ما المانع اذا وسع الله عليك بعمارة مؤجرة أن تأتى فى شهر إلى مستأجر مسكين تقول له عفا الله عنك هذا الشهر سامحتك فى الإيجار هذا الشهر ما المانع أن تأتى لأبنائه بهدية تهديها لهم حينئذ تكرم ( وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) قال تعالى (وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا) من كان مختالاً فى نفسه فخورا على عباد الله أيها الأخوة هذا دينكم هذا كتاب ربكم فانظروا أنتم أين أنتم من كتاب الله كما كان قائل السلف يقول إننى أعرض نفسى على كتاب الله حتى انظر هل أنا للكتاب العزيز موافق أم له مخالف أمر على الآيات ( كَانُواْ قَلِيلاً مّن اللّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) هل أنا من آل ذلك أم لست منها فكذلك فافعلوا أيها الأخوة لا تغرنكم الحياة الدنيا لا يغرنكم بالله الغرور قفوا مع الآيات ( إِنّ الْمُتّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ ) إلى قوله ( كَانُواْ قَلِيلاً مّن اللّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) هل أنتم منهم أم لستم منهم (وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) هل أنت من المستغفرين بالأسحار وكذا (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) هل أنت منهم أم لست منهم قف مع الآيات فتأمل الآيات وتدبر الآيات حتى تسلم لك دنياك وحتى تسلم لك آخرتك فإنه لزاما أن نعد لآخرتنا إعدادا أجمل وأطيب مما نعد لدنيانا قال عز من قائل قال جل ذكره وتبارك اسمه وتقدست أسماؤه قال ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) ألا فاستغفروا ربكم إنه كان غفارا
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد هذا كتاب الله بين ايديكم ذلكم الكتاب الذى قال الله فيه ” إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ” فى كل شئ فرب العزة قال “مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ” فكل شئ مبين مفصل فى كتاب الله كما