
رقم الفتوى: 50143
نصيحة للدعاة بعدم التشهير بالناس.
السؤال
نصيحة للدعاة بعدم التشهير بالناس.
الإجابة
وهنا أُلْفِتُ نَظَرَ إخْوَانِي المُشَايِخِ وَالدُّعَاةِ إِلَى اللهِ وَالخُطَبَاءِ وَالمُسْلِمِينَ عُمُومًا، بأَنَّ مِنْ هَدْيِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَجَدَ فِي شَخْصٍ شَيْئًا مَشِينًا، أَوْ وَجَدَ خَطَأً ارْتكَبَ من شَخْص، فَبَعْدَ أَنْ يُوَجِّهَ لَهُ النُّصْحَ كَانَ يَقُولُ عَلَى المِنْبَرِ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَصْنَعُونَ كَذَا وَكَذَا»، وَلَا يُسَمِّي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. مَا بَالُ فُلَانٍ يَصْنَعُ كَذَا وَكَذَا؟ وَلَا يُسَمِّي. فَلَا يُلْجَأُ إِلَى التَّسْمِيَةِ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَاتِ القُصْوَى الَّتِي لَا مَحِيدَ عَنْهَا.
بَلْ وَفِي حَدِيثِ الإِفْكِ الَّذِي تَضَرَّرَ بِهِ النَّبِيُّ ضَرَرًا شَدِيدًا، وَلَكِنَّ اللهَ سَلَّمَ وَأَبْدَلَ الشَّرَّ خَيْرًا، يَقِفُ النَّبِيُّ أَمَامَ أَصْحَابِهِ يَقُولُ فِي شَأْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولَ دُونَ أَنْ يُسَمِّيَهُ: «مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي؟ وَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا». حَتَّى أَنَّ الصَّحَابَةَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ. قَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: «مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ أَخْبِرْنَا، إِنْ كَانَ مِنَّا مِنَ الأَوْسِ قَتَلْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ.
فَالشَّاهِدُ أَنَّ هَدْيَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِابْتِعَادُ عَنِ التَّسْمِيَاتِ قَدْرَ الاسْتِطَاعَةِ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَفْعَلُونَ كَذَا وَكَذَا». أَمَا أَنْ يَأْتِيَكَ خَبَرٌ عَنْ مَثَلًا شَابٍّ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَخْطَأَ فِيهَا، تَخْرُجُ عَلَى الفَضَائِيَّةِ تَقُولُ: الشَّابُّ الفُلَانِيُّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، وَتُسَمِّيهِ بِاسْمِهِ فَعَلَ وَفَعَلَ وَفَعَلَ! يَا أَخِي، شَهَّرْتَ بِالمُسْلِمِينَ، وَحَجَبْتَ التَّوْبَةَ أَمَامَ التَّائِبِينَ. نَعَمْ، إِذا كَانَ مُبْتَدِعًا مُغْمورًا فِي البِدْعَةِ وَلَمْ يَنْتَهِ وَلَمْ يَنْزَجِرْ، حِينَئِذٍ يُسَمَّى. أَمَّا كُلُّ مَنْ زَلَّتْ قَدَمُهُ يُفْضَحُ وَبِاسْمِهِ وَيُدَمَّرُ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ، لَيْسَ هَذَا مِنْ هَدْيِ رَسُولِنَا الأَمِينِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
فَلِلْمُسْلِمِينَ حُرْمَةٌ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. وَيُمْكِنُ أَنْ أُعَلِّقَ عَلَى الفَتْوَى الخَاطِئَةِ دُونَ أَنْ أَذْكُرَ مَنْ قَالَهَا، إِلَّا إِذَا اسْتَفْحَلَ شَرُّهُ وَاسْتَطَالَ خَطَرُهُ، فَحِينَئِذٍ لَهُ شَأْنٌ آخَرُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
